محسن فرحان: ماجد المهندس آخر الاصوات الجميلة

عبد الجبار العتابي من بغداد: محسن فرحان .. أسم مميز في اللحنية العراقية ، له رنته الخاصة التي تحمل في نغماتها نكهة الشجن العراقي وعطر الالتزام ، ملحن له بصمة غير قابلة للمحو ، وطالما نسج الانغام على مقاسات الاصوات لتعبق بعطر الحنين الشجي ، هو احد اعمدة الغناء العراقي السبعيني الاصيل ، صاحب لمسات ما زالت تتالق بعذوبتها ، معه كان لنا هذا الحوار حول احوال الغناء العراقي .
* مازلنا لانسمع لك الحانا ، لماذا ؟
- الان .. كل الملحنين العراقيين بلا الحان ، بسبب حالة الركود التي تمر بها الأغنية وحالة التشرذم التي لم تحدث في اية دولة من دول العالم ، هناك ملحنون محليون يلحنون من خارج البلد ، من البلدان المجاورة، وهناك ملحنون لايجدون مطربا يلحنون له لان كل المطربين في الخارج ، اما الجيدون منهم فقد جلسوا متفرجين والاقل منهم جودة ضاعوا في دروب الغربة مما جعل خطاهم الى الحانات والمراقص الليلية ليكسبوا عيشهم ، وهذا مايؤلمني ويجعلني واجما ولا اعلم ماذا اعمل ، لكنني متفائل بوجود الاصوات الشبابية الجديدة ، ولأن حركة الموسيقى والغناء متجددة وولودة ولا يمكن في يوم من الايام ان تضمر او تسكت .
* اذن .. ما المسافة بينك وبين العود ؟
- بيني وبين العود شبر واحد فقط ، ولكن للظروف النفسية فأنا اشعر ان المسافة بيننا دهر كامل .
* هل هذا يعني ان اي نشاط تلحيني ليس لديك ؟
- هناك تعاون مع المطرب سعدون جابر والمطرب فؤاد سالم ولكن مجرد اتفاقات شفهية ، لكنني قبل هذا الوقت سجلت للمطرب ياس خضر اغنيتين ، الاولى من كلمات الشاعر زهير الدجيلي بعنوان (سود الليالي) ، والثانية من كلمات الشاعر عدنان هادي بعنوان ( شفتونا نحبكم) ، مهما لم يصورا بعد ، وكنت قد لحنت اغنيات للمطرب حسين نعمة بشريط ويدعي حسين انه سرق منه !!.
* حينما كنت مؤخرا في دمشق ألم يتصل بك احد من المطربين للتلحين له ؟
- اتصل البعض منهم ولكن لضيق وقتي في دمشق لم يجعلني اتفق معهم .
* كثيرون هم الملحنون الذين سافروا وعملوا في الخارج ، لماذا لم تفعل ذلك ؟
- انا ارفض فكرة الخروج من الوطن في السابق والان ، وما الذي يدعوني ان اتسول في دمشق او عمان او في مصر ، اعيش براتبي التقاعدي ومحافظ على كرامتي افضل مما اتدافع على ابواب السفارات واتلقى الشتيمة من هذا وذاك .
* اي الاصوات الغنائية العراقية استوقفتك خلال المرحلة الاخيرة ؟
- لم يستوقفني اي صوت منذ مدة طويلة ، والى حد عام 2000 لم يظهر اي صوت جديد ، واخر صوت كان المطرب ماجد المهندس ، وهو صوت جميل وهاديء ولطيف ونكهته عراقية خالصة .
* ولكن القنوات الغنائية تظهر يوميا العديد من الاصوات ؟
- انها قنوات تجارية كأية مادة تجارية في السوق ، ولكن الناس ذواقة وتميز ، والاصوات التعبانة موجودة في كل العقود ، تظهر مع الاصوات جيدة والناس تسمع الجيدة اما غير الجيدة فتسقط ، وفي هذه الفضائيات هناك خطان ، خط الاصوات التي من الممكن ان نقول عنها انها تؤدي بشكل لابأس به ، ولكن اخياراتها للاغاني كمفردة ولحن لايؤشر عليه بالايجاب ، وهناك اصوات رديئة جدا تتعكز على الاجساد وعلى الحركات غير المحببة لدى المجتمع العراقي ، والرقص المبتذل ، وهذه المجموعة لاتهمنا بأي شيء ، بل المجموعة الاولى التي نتمنى ان تنتبه لنفسها وتغني الغناء الجيد الذي يمكن لكل عراقي ان يسمعه بحب وانتباه .
* برأيك لماذا اصبح هكذا حال الغناء العراقي ؟
- الذي مر بنا ليس بالقليل ، ولو مر بأية دولة اخرى انا اعتقد فسوف لن يوجد فيها فن ولا ادب ولا ثقافة ، العراق كبير بفنانيه في الداخل والخارج ، الذين سكتوا والذين مستمرون ، وحتى الذين يغنون بأصوات ناشزة ، انا احترمهم لانهم يقفون ضد هجمة شرسة جاءت تمزق ارث البلد الحضاري والفني والثقافي ، اذن كل من رفع اللافتة ، وقف ضد هذه الهجمة كل حسب طاقته .
* ولكن الا ترى ان جيل السبعينات انتهى ؟
- حركة الزمن مستمرة ، لكن مازال هناك سعدون جابر وياس خضر وفاضل عواد وفؤاد سالم وحسين نعمة ، هؤلاء ابطال بوقوفهم وتواصلهم بالغناء منذ السبعينيات الى حد الان ، مستمرين وان بتفاوت بسيط ، ولكن هل الفضائيات العراقية والعربية تعرض اغانيهم ؟ ، الجواب : لا ، لان تمارس التجارةولابد لهؤلاء الفنانين ان يدفعوا لهذه القنوات ، واذن الخلل في الفضائيات والبث ، وعلى سبيل المثال ان سعدون جابر لديه اشرطة جديدة ولم تبثها الفضائيات .
* ذات مرة قال سعدون جابر انه لحن اغنية ونسبها اليك ، هل هذا صحيح ولماذا ؟
- نعم هذا صحيح ، هناك اغنية لحنها هو ونسبها لي ، وهذا كان ايام الحرب مع ايران ، لانني كنت مقلا في الاناشيد التي كانت تقدم ، وربما كان غرضه من باب حمايتي آنذاك ، وفوجئت حينها وانا اشاهد اغنية تظهر على التلفزيون وهي من الحان محسن فرحان ، ولم تحقق اي شيء ، فمثلما ظهرت ماتت ، لان سعدون ليس ملحنا ، وما فعله كان لحمايتي فقط.
* هل من جديد لديك الان ؟
- هناك اغنية وطنية تتحدث عن عودة العراقيين المهاجرين الى وطنهم وحبهم له ، يكتبه الان الشاعر الكبير مظفر النواب وسيغنيها سعدون جابر ، وسأسافر قريبا الى سورية من اجل استلام النص.

سلم الابداع سيدتي الغالية

تحياتي وودي